--------------------------------------------------------------------------------
مكانة العلم والعلماء
]في الإسلاممن نعم الله على الإنسان أن جعله خليفته في أرضه وأطلق له العنان في ملكه في الحياة الدنيا فيما يقع تحت علمه وإرادته وقدرته وعلمه ما لم يكن يعلم وكرمه تكريما عظيما وفضله على كثير من خلقه تفضيلا وسخر له جميع ما في السماوات والأرض والجبال والبحار والأنهار والشمس والقمر والنجوم والليل والنهار وذلك من أجل حسن خلافته وتمكنه من تمام أداء أمانته وطاعته لله والإخلاص له في عبادته التي هي الغاية من خلقه في هذه الحياة وسر تكريمه وخلافته.
وقد أكد القرآن الكريم كل هذه المعاني في كثير من نصوصه القرآنية الخالدة والتي منها:
1ـ قوله تعالى: " ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا " (الإسراء 70).
2ـ وقوله تعالى:"وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون " (البقرة 30).
3ـ وقوله تعالى: " وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون * وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه إن في ذلك لآية لقوم يذكرون * وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون * وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون * وعلامات وبالنجم هم يهتدون * أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون * وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم (النحل من الآية 12 . 18).
وتكليف الإنسان باستخلاف هذه الحياة الدنيا وعمارتها لنفسه ولبني جنسه ولكل مخلوقات الله في أرضه وطاعته في ذلك طاعة خالصة لله في تكليفه وفي عبادته, ثابت ومقرر في كتاب الله الخالد في قوله تعالى:" وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين "
(الذاريات 56 ـ 58).
وقوله سبحانه: " إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا " (الأحزاب 72).
والمراد بالأمانة في الآية هو أمانة التكاليف الشرعية ورعايتها والعمل بها والدعوة إليها جيلا بعد جيل في بني الإنسان في كل زمان وفي كل مكان مع اختلاف الأجناس والألوان واللسان إلى أن تقوم الساعة.
والعلم بهذه التكاليف ومعرفة حدود هذه الأمانة أمر ضروري في التزام هذه التكاليف وذلك لقوله تعالى: " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا " (الإسراء 15).
ولهذا فقد كان مناط هذا التكليف الإلهي هو العلم به ولذا كان هذا العلم منوط مع هذا الإنسان المستخلف مع أنه غريزة فيه إلا أنه طلب تنميته وجعل معه فرضا عينيا في الوصول به إلى معرفة الذات العلية والإيمان عن اقتناع ويقين بالله رب العالمين صاحب هذه التكاليف الشرعية والإنسانية العالمية.
وبهذا العلم الضروري والإلهي كرم الإنسان ورفع قدره إلى المكانة التي تليق بالذات العلية ولذلك كانت منزلة العلماء في الإسلام منزلة رفيعة مع الملائكة المقربين الذين شهدوا لله بالوحدانية مع شهادته سبحانه لنفسه فارتفعت مكانتهم بهذا العلم إلى هذه المكانة التي شهد الله فيها لنفسه بالوحدانية مع ملائكته وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى بذلك في قوله: " شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم " (آل عمران 18).
وطلب العلم في الإسلام فريضة واجبة على كل مسلم ومسلمة في كل مظهر من مظاهر الدنيا وبما لا غنى للناس عنه في تحقيق استخلاف الأرض والحياة وعمارتها على الوجه الأكمل وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " (طلب العلم فريضة على كل مسلم رواه ابن ماجه والمسلم المراد به المسلم والمسلمة), كما حث النبي صلى الله عليه وسلم عليه ورغب فيه بقوله:" (فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم) (رواه الترمذي وقال حديث حسن.
وقد حث القرآن الكريم في آيات كثيرة على العلم منها قوله تعالى:"هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون "(الزمر 9).
وقوله سبحانه:يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات" (المجادلة 11)
وقوله سبحانه:" نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم"(يوسف الآية 76).
وقوله سبحانه:"فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون "(البقرة الآية 239)
وقوله سبحانه:"وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما"(النساء من الآية 113).
وقوله سبحانه:"في علم الفقه والدين والحث عليه: فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون "
(التوبة الآية 122). وقوله صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين) رواه البخاري ومسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (لفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد) رواه الترمذي وابن ماجه.
وقوله عليه الصلاة والسلام: (إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء) رواه أبو داود والترمذي.
وكانت الآيات الأولى في نزول الوحي من القرآن الكريم على النبي صلى الله عليه وسلم في العلم والقراءة والكتابة فكان أول ما نزل من القرآن:" اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم ".
وقد أقسم الله بالقلم أداة العلم والكتابة تكريما له وبرمز من رموز الكتابة والقراءة وهو حرف النون فقال سبحانه:" نون والقلم وما يسطرون " (القلم 1) وقد سميت هذه السورة باسم القلم في القرآن الكريم.
ومن أجل مكانة العلم ومنزلته في الإسلام كان العلماء ورثة الأنبياء لقوله صلى الله عليه وسلم: (العلماء ورثة الأنبياء) رواه أبو داود والترمذي.
الإسلام لا يفرق بين علوم الدين وعلوم الدنيا:
ولتكريم العلم في الإسلام فقد ساوى الإسلام فيه بين علوم الدين وعلوم الدنيا لدى المسلمين ولذلك فإن الإسلام لا يفرق بين علماء الدين وعلماء الدنيا إن كانوا سواء في الإيمان والإسلام وكان علمهم يخدم التشريع الإلهي والحياة الإنسانية لتحقيق الخلافة الشرعية لبني الإنسان في الأرض جميعا وذلك لأن علمهم جميعا يكمل بعضه البعض لخدمة الإنسانية وتحقيق الخير لكل البشرية وذلك لأن فوق كل ذي علم عليم ولا غنى لأحدهما عن الآخر تحقيقا وتصديقا لقوله تعالى: " وفوق كل ذي علم عليم"(يوسف 76), وقوله سبحانه: " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" (النحل 43) وقوله سبحانه:" وما أوتيتم من العلم إلا قليلا "(الإسراء 85).
والتقدم العلمي والوصول به إلى أعلى مكان ومنزلة هو من الفروض الواجبة في الإسلام على كل مسلم ومسلمة, وذلك لقوله تعالى:" فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور(الملك 15) وقوله سبحانه:" وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا "(الجاثية 13) وقوله سبحانه:"هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا"(البقرة 29).
وقد علم الله سبحانه وتعالى آدم أسماء العلوم كلها وأعطاه رموزها ومفاتيح أسرارها وتوارث ذلك العلم عنه من بعده ذريته, جنسه جيلا بعد جيل إلى أن تقوم الساعة وذلك أخذا من قوله تعالى: " وعلم آدم الأسماء كلها " (البقرة 31) والمراد أسماء كل كائن وموجود في الحياة الدنيا وما يستجد من علوم إلى أن تقوم الساعة فما من علم يخترع أو يكتشف ويوضع له تسميته واسمه إلا هو علم الله وهدايته لآدم وذريته من بعده توارثا عنه بواسطة الجينات الوراثية التي يتوارثها الأبناء عن الآباء جيلا بعد جيل إلى أن تقوم الساعة ويشهد لذلك قوله تعالى: "وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما " (النساء 113) .
وعلماء الدين يستخرجون من النصوص الشرعية الأحكام الشرعية في الحوادث العملية للبشر على ضوء الأحكام الدنيوية والمادية التي بينها علماء المادة والتجارب البحثية التي يعول عليها في معرفة أحكام الشارع الوضعية التي لابد منها لمعرفة الأحكام الشرعية التكليفية معرفة صحيحة يترتب عليها التزام المكلفين بالأحكام الشرعية في مجال الأمر أو النهي في الأحكام التكليفية الخمسة التي ترتبط ارتباطا وثيقا بأحكام الشارع الوضعية بأقسامها الثلاثة وهي: (شروطها وأسبابها, أو علاماتها, وموانعها الشرعية).
ومن هنا كان كل عالم في نظر الإسلام مطلوبا منه أن يكون فقيها في أمر دينه وعلمه بما يحقق له ولبني جنسه الجمع بين خيري الدين والدنيا معا ويبعده عن مزالق الشر والخطر من بحثه وعلمه لنفسه ولبني جنسه لأن العلم النافع هو الذي تدور عليه تحقيق الخلافة الشرعية لبني الإنسان ويتحقق معه الخير والنماء والسلام لكل إنسان في أي مكان وفي أي زمان تحقيقا لقوله تعالى: " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم " (الحجرات 13).
وقوله سبحانه وتعالى "هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها"(هود من الآية 61).
وما أحوج العالم العربي والإسلامي والعلماء مع اختلاف مشاربهم العلمية النافعة في كل مكان الآن إلى تحقيق هذا الهدف العلمي لخدمة الإنسانية والتقدم من خلاله إلى باطن الأرض وإلى عنان السماء في سبيل رفعة العلم الديني والدنيوي والمعرفة المادية والمدنية ومجابهة هذا التحدي العالمي المخرب والمدمر في الكون ممن ملكوا العلم المادي الحديث وأسراره بغير ضوابط دينية ولا أخلاقية من غير المسلمين كما أمر الله, فضلوا وأضلوا وعاثوا في الأرض فسادا وخرجوا بالعلم النظري والتجريبي والعملي عن منهج الله في خلقه وأوشكوا بذلك أن يدمروا أنفسهم وبني جنسهم بأيديهم إلا من عصم ربك, وقد أفسدوا في الأرض التي أصلحها الله لهم, وقد نهينا جميعا نحن بني الإنسان عن ذلك الإفساد بقوله تعالى: ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها .
ندعو الله أن يهدينا جميعا نحن المسلمين إلى قبول هذا التحدي والوصول بعلمنا الديني والدنيوي إلى ما فيه خير دنيانا وخير الأمة العربية والإسلامية وكل بني الإنسانية ليعم الخير والسلام في جميع الأرجاء وبين كل الأحياء لصالح البشرية.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل,,,
مكانة العلم والعلماء
]في الإسلاممن نعم الله على الإنسان أن جعله خليفته في أرضه وأطلق له العنان في ملكه في الحياة الدنيا فيما يقع تحت علمه وإرادته وقدرته وعلمه ما لم يكن يعلم وكرمه تكريما عظيما وفضله على كثير من خلقه تفضيلا وسخر له جميع ما في السماوات والأرض والجبال والبحار والأنهار والشمس والقمر والنجوم والليل والنهار وذلك من أجل حسن خلافته وتمكنه من تمام أداء أمانته وطاعته لله والإخلاص له في عبادته التي هي الغاية من خلقه في هذه الحياة وسر تكريمه وخلافته.
وقد أكد القرآن الكريم كل هذه المعاني في كثير من نصوصه القرآنية الخالدة والتي منها:
1ـ قوله تعالى: " ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا " (الإسراء 70).
2ـ وقوله تعالى:"وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون " (البقرة 30).
3ـ وقوله تعالى: " وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون * وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه إن في ذلك لآية لقوم يذكرون * وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون * وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون * وعلامات وبالنجم هم يهتدون * أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون * وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم (النحل من الآية 12 . 18).
وتكليف الإنسان باستخلاف هذه الحياة الدنيا وعمارتها لنفسه ولبني جنسه ولكل مخلوقات الله في أرضه وطاعته في ذلك طاعة خالصة لله في تكليفه وفي عبادته, ثابت ومقرر في كتاب الله الخالد في قوله تعالى:" وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين "
(الذاريات 56 ـ 58).
وقوله سبحانه: " إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا " (الأحزاب 72).
والمراد بالأمانة في الآية هو أمانة التكاليف الشرعية ورعايتها والعمل بها والدعوة إليها جيلا بعد جيل في بني الإنسان في كل زمان وفي كل مكان مع اختلاف الأجناس والألوان واللسان إلى أن تقوم الساعة.
والعلم بهذه التكاليف ومعرفة حدود هذه الأمانة أمر ضروري في التزام هذه التكاليف وذلك لقوله تعالى: " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا " (الإسراء 15).
ولهذا فقد كان مناط هذا التكليف الإلهي هو العلم به ولذا كان هذا العلم منوط مع هذا الإنسان المستخلف مع أنه غريزة فيه إلا أنه طلب تنميته وجعل معه فرضا عينيا في الوصول به إلى معرفة الذات العلية والإيمان عن اقتناع ويقين بالله رب العالمين صاحب هذه التكاليف الشرعية والإنسانية العالمية.
وبهذا العلم الضروري والإلهي كرم الإنسان ورفع قدره إلى المكانة التي تليق بالذات العلية ولذلك كانت منزلة العلماء في الإسلام منزلة رفيعة مع الملائكة المقربين الذين شهدوا لله بالوحدانية مع شهادته سبحانه لنفسه فارتفعت مكانتهم بهذا العلم إلى هذه المكانة التي شهد الله فيها لنفسه بالوحدانية مع ملائكته وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى بذلك في قوله: " شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم " (آل عمران 18).
وطلب العلم في الإسلام فريضة واجبة على كل مسلم ومسلمة في كل مظهر من مظاهر الدنيا وبما لا غنى للناس عنه في تحقيق استخلاف الأرض والحياة وعمارتها على الوجه الأكمل وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " (طلب العلم فريضة على كل مسلم رواه ابن ماجه والمسلم المراد به المسلم والمسلمة), كما حث النبي صلى الله عليه وسلم عليه ورغب فيه بقوله:" (فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم) (رواه الترمذي وقال حديث حسن.
وقد حث القرآن الكريم في آيات كثيرة على العلم منها قوله تعالى:"هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون "(الزمر 9).
وقوله سبحانه:يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات" (المجادلة 11)
وقوله سبحانه:" نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم"(يوسف الآية 76).
وقوله سبحانه:"فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون "(البقرة الآية 239)
وقوله سبحانه:"وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما"(النساء من الآية 113).
وقوله سبحانه:"في علم الفقه والدين والحث عليه: فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون "
(التوبة الآية 122). وقوله صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين) رواه البخاري ومسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (لفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد) رواه الترمذي وابن ماجه.
وقوله عليه الصلاة والسلام: (إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء) رواه أبو داود والترمذي.
وكانت الآيات الأولى في نزول الوحي من القرآن الكريم على النبي صلى الله عليه وسلم في العلم والقراءة والكتابة فكان أول ما نزل من القرآن:" اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم ".
وقد أقسم الله بالقلم أداة العلم والكتابة تكريما له وبرمز من رموز الكتابة والقراءة وهو حرف النون فقال سبحانه:" نون والقلم وما يسطرون " (القلم 1) وقد سميت هذه السورة باسم القلم في القرآن الكريم.
ومن أجل مكانة العلم ومنزلته في الإسلام كان العلماء ورثة الأنبياء لقوله صلى الله عليه وسلم: (العلماء ورثة الأنبياء) رواه أبو داود والترمذي.
الإسلام لا يفرق بين علوم الدين وعلوم الدنيا:
ولتكريم العلم في الإسلام فقد ساوى الإسلام فيه بين علوم الدين وعلوم الدنيا لدى المسلمين ولذلك فإن الإسلام لا يفرق بين علماء الدين وعلماء الدنيا إن كانوا سواء في الإيمان والإسلام وكان علمهم يخدم التشريع الإلهي والحياة الإنسانية لتحقيق الخلافة الشرعية لبني الإنسان في الأرض جميعا وذلك لأن علمهم جميعا يكمل بعضه البعض لخدمة الإنسانية وتحقيق الخير لكل البشرية وذلك لأن فوق كل ذي علم عليم ولا غنى لأحدهما عن الآخر تحقيقا وتصديقا لقوله تعالى: " وفوق كل ذي علم عليم"(يوسف 76), وقوله سبحانه: " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" (النحل 43) وقوله سبحانه:" وما أوتيتم من العلم إلا قليلا "(الإسراء 85).
والتقدم العلمي والوصول به إلى أعلى مكان ومنزلة هو من الفروض الواجبة في الإسلام على كل مسلم ومسلمة, وذلك لقوله تعالى:" فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور(الملك 15) وقوله سبحانه:" وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا "(الجاثية 13) وقوله سبحانه:"هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا"(البقرة 29).
وقد علم الله سبحانه وتعالى آدم أسماء العلوم كلها وأعطاه رموزها ومفاتيح أسرارها وتوارث ذلك العلم عنه من بعده ذريته, جنسه جيلا بعد جيل إلى أن تقوم الساعة وذلك أخذا من قوله تعالى: " وعلم آدم الأسماء كلها " (البقرة 31) والمراد أسماء كل كائن وموجود في الحياة الدنيا وما يستجد من علوم إلى أن تقوم الساعة فما من علم يخترع أو يكتشف ويوضع له تسميته واسمه إلا هو علم الله وهدايته لآدم وذريته من بعده توارثا عنه بواسطة الجينات الوراثية التي يتوارثها الأبناء عن الآباء جيلا بعد جيل إلى أن تقوم الساعة ويشهد لذلك قوله تعالى: "وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما " (النساء 113) .
وعلماء الدين يستخرجون من النصوص الشرعية الأحكام الشرعية في الحوادث العملية للبشر على ضوء الأحكام الدنيوية والمادية التي بينها علماء المادة والتجارب البحثية التي يعول عليها في معرفة أحكام الشارع الوضعية التي لابد منها لمعرفة الأحكام الشرعية التكليفية معرفة صحيحة يترتب عليها التزام المكلفين بالأحكام الشرعية في مجال الأمر أو النهي في الأحكام التكليفية الخمسة التي ترتبط ارتباطا وثيقا بأحكام الشارع الوضعية بأقسامها الثلاثة وهي: (شروطها وأسبابها, أو علاماتها, وموانعها الشرعية).
ومن هنا كان كل عالم في نظر الإسلام مطلوبا منه أن يكون فقيها في أمر دينه وعلمه بما يحقق له ولبني جنسه الجمع بين خيري الدين والدنيا معا ويبعده عن مزالق الشر والخطر من بحثه وعلمه لنفسه ولبني جنسه لأن العلم النافع هو الذي تدور عليه تحقيق الخلافة الشرعية لبني الإنسان ويتحقق معه الخير والنماء والسلام لكل إنسان في أي مكان وفي أي زمان تحقيقا لقوله تعالى: " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم " (الحجرات 13).
وقوله سبحانه وتعالى "هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها"(هود من الآية 61).
وما أحوج العالم العربي والإسلامي والعلماء مع اختلاف مشاربهم العلمية النافعة في كل مكان الآن إلى تحقيق هذا الهدف العلمي لخدمة الإنسانية والتقدم من خلاله إلى باطن الأرض وإلى عنان السماء في سبيل رفعة العلم الديني والدنيوي والمعرفة المادية والمدنية ومجابهة هذا التحدي العالمي المخرب والمدمر في الكون ممن ملكوا العلم المادي الحديث وأسراره بغير ضوابط دينية ولا أخلاقية من غير المسلمين كما أمر الله, فضلوا وأضلوا وعاثوا في الأرض فسادا وخرجوا بالعلم النظري والتجريبي والعملي عن منهج الله في خلقه وأوشكوا بذلك أن يدمروا أنفسهم وبني جنسهم بأيديهم إلا من عصم ربك, وقد أفسدوا في الأرض التي أصلحها الله لهم, وقد نهينا جميعا نحن بني الإنسان عن ذلك الإفساد بقوله تعالى: ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها .
ندعو الله أن يهدينا جميعا نحن المسلمين إلى قبول هذا التحدي والوصول بعلمنا الديني والدنيوي إلى ما فيه خير دنيانا وخير الأمة العربية والإسلامية وكل بني الإنسانية ليعم الخير والسلام في جميع الأرجاء وبين كل الأحياء لصالح البشرية.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل,,,